New Page 1

كهَهَي بَهَهَي

 الى جواد الحطاب وعبد الرزاق الربيعي

 لولا طائرُ الشقراقِ هذا

لولا ما يتردّدُ في جنباتِ الروحِ من رنينِهِ الفذِّ

لولاهُ، هذا الشقراقُ النبيلُ

كيفَ كُنا سنداوي جراحَنا الفاغرةَ كالآخاديد!

***

 

كَهَهَيْ بَهَهَيْ

كَهَهَيْ بَهَهَيْ

بَهَهَيْ كَهَهَيْ كَهَهَيْ بَهَهَيْ بَهَهَيْ بَهَهَيْ

هكذا كُنّا نُطلقُ الحَمامَ الحبيسَ أوجاعاً تتفجّرُ كحمم البراكين

هكذا يُعانقُ أحدُنا الآخرَ مواسياً ساعةَ تشتدُّ الازمةُ بينَ الحياةِ والموتِ

وهكذا كُنّا نشدُّ عزائمَنا لمواجهةِ سيولِ الأحزانِ المتوالية!

***

 

كهَهَي بَهَهَي!

اكسيرُ الفلاسفةِ وحجرُ الملوكِ

الغيمةُ التي تزدادُ هطولاً كلّما أمطرَتْ

والبئرُ التي كما لو زمزمُ

نهرُ الكلامِ الذي لا يصلُ الى المصبِّ

والحكايةُ التي تورقُ كلَّما داهمتْها الخاتمةُ

***

 

كهَهَي بَهَهَي...

ينطلقُ هديرُها من بغداد

كما لو أنّ عاصفةً هبّتْ من أعماقِ جحيمٍ غامضٍ

كما لو انّ بحراً يركضُ مجنوناً في سماواتِ العدمِ

وكما لو لم يكن في العراقِ ما يردعُهُ عن القهقهةِ

***

 

كهكهكهكهكه بههكههههه

كما لو ....

.............. انَّ العراقَ 

اعني العراقَ بالتأكيد

لا يجثمُ على صدرهِ كابوسُ اليقظةِ

وكما لو انَّ العراقيّ يحلمُ

بأنَّ العراقَ لا يجثمُ فوقَ صدرهِ

كابوسُ اليقظةِ!

***

 

قبلَ حوالي خمسةَ عشرةَ سنةً

وُلدتْ شجرةُ الكهَهَي بَهَهَي من رحمِ حكايةٍ عابرةٍ

كنـّا لفيفـاً من اخوانِ الشقاءِ

مجتمعين حولَ أحدِ مواقدِ الصداقةِ

في ذلك المساءِ برعمَ بيننا أفقٌ من الشمسِ

واعشوشبتْ في اعماقنا مروجٌ لا يحيطُها الوصفُ

من يومِها ونحنُ نهدلُ بالكهَهَي بَهَهَي

هديلَ يمامِ الجنوبِ الحزينِ!

***

 

في أيامِنا القاسيةِ وظروفنِا الجحيمِ

كنا نلوذُ ببردِ الكهَهَي بَهَهَي ونستجيرُ

لم يبقَ لنا سوى ورقةِ التوتِ تلك

ما يسترُ نشيجَنا الكونيَّ

كهَهَي بَهَهي

كهَهَي بَهَهَهَهَهي

كهكهكهكهكه

من بغدادَ الى مسقطَ

ومن مسقطَ الى مشيغن

ومن مشيغن الى أقصاصي منابعِ اليقين

***

حينَ دُكتْ أعمدةُ الضياءِ في بغدادَ

كنّا ننتظرُ فاغريَ القلوبَ

لا بأسَ، لينهبوا تراثَ العراقِ

ليشعلوا الحرائقَ في متاحفِه وشواخصِ آثارِه

ليطمسوا ما يستطيعون من ألقهِ الفريدِ

ليفعلوا ما يشاءون

لكنّهم لن يتمكنوا من ازهاقِ روحِ طائرِ الشقراقِ

هذه التميمةُ التي يحملُها العراقيُّ بين ثنايا روحهِ

ويطلقُها حينَ لاتَ مَصبَر!

***

كما يعتمرُ الساحرُ قبعتَه

وكما يتلو الخائفُ تعويذته

كنا نطلقُ العنانَ لنيرفانا الكههي بههي

كهكهكهكهكهه

بهبهبهبهبه

كههي بههي

كهكهكهكهكهكهكهكه

لتغدو مثلَ نشيدٍ يهزُّ جذعَ المحاربِ

هبوطاً حتى آخرِ نفسٍ في الروحِ

وصعوداً حتى تخومِ عرشهِ تعالى!

 

12/9/2006

ــــــــــــــــــــــــــ

* نشرت في صحيفة القدس العربي بتاريخ 16/9/2006.